آخر الأخبار
| ]



 بسم الله الرحمن الرحيم

من سلسلة الرد على شبه العاذرين للمشركين [9] 

قال العاذرون بأن عدم التكفير أحوط فإن من كفر مسلماً فقد كفر !
ولا ينبغي على المسلم أن يجعل همه تكفير الآخرين !

 الجواب عن هذه الشبهة من وجوه  

الوجهالأول:  أن تكفير المشرك واجب باتفاق السلف لا يحل تركه لمن استوجب عليه 

 قال البَرْبَهَارِيّ –رحمه الله- في شرح السنة من ردّ : آية من كتاب الله عز و جل أوشيئاً من آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم أو صلى لغير الله أو ذبح لغير الله إذا فعل شيئا من ذلك فقد وجب عليك أن تُخرجه من الإسلام 
ا.هــ بتصرف

والبَرْبَهَارِيّ ينقل في كتابه هذا إجماع أهل القرون الأربعة فتنبّه

" فالشخص المعين إذا صدر منه ما يوجب كفره من الأمور التي هي معلومة من ضروريات دين الإسلام
١-مثل عبادة غير الله سبحانه وتعالى
٢-أو مثل جحد علو الله على خلقه
٣-أو مثل نفي صفات كماله ونعوت جلاله الذاتية والفعلية
٤-أو مثل مسألة علمه بالحوادث والكائنات قبل كونها
٥-أو من يستغيث بالنبي صلى الله عليه وسلم 

فإن المنع من التكفير والتأثيم بالخطأ في هذا كله رد على من كفر معطلة الذات ومعطلة الربوبية، ومعطلة الأسماء والصفات، ومعطلة إفراد الله تعالى بالإلهية والقائلين بأن الله لا يعلم الكائنات قبل كونها كغلاة القدرية
ومن قال بإسناد الحوادث إلى الكواكب العلوية ومن قال بالأصلين النور والظلمة فإن من التزم هذا كله فهو أكفر وأضل من اليهود والنصارى. " 

الوجه الثاني: من كفّرَ امرأً باجتهاد سائغ فهو دائر بين الأجر والأجرين 
وأحاديث[ مَنْ كَفَّرَ أَخَاهُ، فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا] لا تشمل المجتهد في مثل هذا 
ولأجل هذا بوّب البخاري على حديث أبي هريرة رضي الله عنه :
(بَاب مَنْ كَفَّرَ أَخَاهُ بِغَيْرِ تَأْوِيلٍ فَهُوَ كَمَا قَالَ)
 فانظر كيف استثنى المتأول من الحكم

ويقول ابن القيم في الإعلام :
١-النبي -صلى الله عليه- لم يؤاخذ خالداً في تأويله حين قتل بني جذيمة بعد إسلامهم

٢-ولم يؤاخذ أسامة حين قتل من قال لا إله إلاالله لأجل التأويل ..

٣-ولم يؤاخذ أصحابه حين قتلوا من سلم عليهم وأخذوا غنيمته لأجل التأويل ..

٤-ولم يؤاخذ النبي -صلى الله عليه- عمر بن الخطاب رضى الله عنه حين رمى حاطب بن أبي بلتعة المؤمن البدري بالنقاق لأجل التأويل

٥-ولم يؤاخذ أسيد بن حضير بقوله لفلان إنك منافق تجادل عن المنافقين لأجل التأويل .. ا.هــ

و"المكفِّر لأحد من هذه الأمة إن كان يستند في تكفيره إلى نص وبرهان من كتاب الله وسنة نبيه وقد رأى كفراً بواحاً كالشرك بالله وعبادة ما سواه ... فالمكفر بهذا مصيب مأجور مطيع لله ورسوله .... والتكفير بترك هذه الأصول من دعائم الدين وأما من أطلق لسانه بمجرد عداوة أو هوى أو لمخالفة المذهب فهذا من الخطأ البيّن ".

الوجه الثالث: إن الحكم للمشرك بالإسلام أمرٌ عظيم لا ينبغي تركه للوساوس الإرجائية 
وذلكَ لمّا يترتبُ عليهِ مِن العظائمِ والأمورِالخطيرةِ 

١- فإنّ الحكمَ للكافرِ بالإسلامِ يستباحُ بهِ فروجُ المؤمناتِ إنكاحاً 

٢- ويستباحُ بذلكَ دفنهُ حالَ موتهِ في مقابرِالمسلمينَ 

٣-ويستباحُ بذلكَ توريثهُ وميراثهُ

٤- وتُسْتَبَاحُ الصلاةُ عليهِ

وغيرَ ذلكَ مِنَ الأحكامِ المترتبةِ على الحكمِ على هذا المعينِ بالإسلامِ

لذا إثباتهُ لغيرِ أهلهِ ليسَ بالأمرِ الهينِ 

وأما بالنسبة " لمن جعل همته وسعيه في تكفير الجهمية الخارجين عن شريعة الإسلام، وإيذائهم وكذلك تكفير عباد القبور والذين يعذرونهم ".

فإن هذا قد اتبع سبيل المؤمنين وسار على الصراط المستقيم وجانب طرق أصحاب الجحيم بدليل ما قاله العلماء أئمة الإسلام وهداة الأنام فما الدليل على أن الجهمية هم المسلمون.

 وأن من كفرهم وبذل جهده في عداوتهم والتنفير عن طريقتهم أنه لم يكن على صراط مستقيم.

 ولم يكن له في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة، ولم يكن على منهج أهل السنة والجماعة.

أفكان رسوله الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه لا يعادون المشركين والمنافقين ولا يكفرونهم.

هذا لا يقوله إلا مكابر في الحسيات مباهت في الضروريات .. 

فإنه لما قويت شوكة الإسلام وأهله أنزل الله عليه: 
{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِم}

وقد قال تعالى: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ}

فكان في حال جهاد الكفار والمنافقين والغلظة عليهم يبذل النصيحة لعموم الخلق، ويرحمهم، ويشفق عليهم، لكن رحمته ولطفه وشفقته بالمؤمنين كما قال تعالى: 
{ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ }

فأخبر أن رأفته ورحمته بالمؤمنين لا بالكفاروالمنافقين
بل كان عليهم غليظاً شديداً بل كان المقصود من إقامة الحدود هو رحمتهم وردعهم من الوقوع في المحرمات والمنهيات

فهذا التلطف والشفقة والرحمة لا يجوز أن يعامل بها من ينكر علو الله على خلقه
ويعطل أسماءه وصفاته
 بل يجب أن يُعامل بالغلظة والشدة والمعاداة الظاهرة، وكذلك لا يعامل بها من أشرك بالله وعدل به سواه. "

بل ومن ينهى عن تكفير الجهمية الأشعرية وعباد القبور ينبغي على ولي الأمر أن يعاقبه بما يردعه عن فجوره وعدوانه 

كما قال عبدالرحمن بن حسن –رحمه الله- في الدرر :  
يجب على ولي الأمر أن لا يقدم من نسب عنه طعن وقدح في شيء من دين الله ورسوله أو تشبيه على المسلمين في عقائدهم ودينهم مثل من ينهى عن تكفير المشركين ويجعلهم من خير أمة أخرجت للناس لأنهم يدعونالإسلام ويتكلمون بالشهادتين
وهذا الجنس ضرره على الإسلام خصوصاً على العوام ضرر عظيم يخشى منه الفتنة وأكثر الناس لا علم له بالحجج التي تنفي شبهة المشبهين وزيغ الزائغين بل تجده والعياذ بالله سلس القياد لكل من قاده أودعاه كما قال فيهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه: 
[ لمْ يستضيئوا بنورِ العلمِ ولمْ يلجئوا إلى ركنٍ وثيقٍ أقربُ شبهاً بهمْ الأنعامُ السارحةُ]. ا.هــ

الخلاصة:
١-أن قول القائل ترك التكفير أولى وأورع من التكفير هو من تلبيسات الشيطان وإغوائه.

٢-الأحاديث الناهية عن تكفير المسلمين لا يدخل فيها:
- تكفير المشركين لأن المشرك ليس بمسلم 
-لايدخل فيها من كفّر باجتهاد سائغ 
-أن المراد بحديث (من قال لأخيه يا كافر... ) الوعيد فيه هو الكفر الأصغر لا الأكبر فليُنتبه.

٣-أن عدم تكفير المشركين هو نقض للعروة الوثقى

٤-أن جعل المشرك مسلماً أخطر من تكفير المسلم لما فيه من استباحة فروج المسلمات وغيرها من الأمور التي ذكرناها آنفاً.

وأختم بقول الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى:
وأنت يا من من الله عليه بالإسلام، وعرف أن ما من إله إلا الله، لا تظن أنك إذا قلت: هذا هو الحق، وأنا تارك ما سواه، لكن لا أتعرض للمشركين.
ولا أقول فيهم شيئا.
 لا تظن أن ذلك يحصل لك به الدخول في الإسلام.
بل لا بد من:
١-بغضهم
٢-وبغض من يحبهم
٣- ومسبتهم
٤- ومعاداتهم
 كما قال أبوك إبراهيم والذين معه:
 {إنا برآء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبداً حتى تؤمنوا بالله وحده} الآية
 وقال تعالى: {فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى} الآية
 وقال تعالى: {ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت}.

ولو يقول رجل: أنا أتبع النبي صلى الله عليه وسلم وهو على الحق، لكن لا أتعرض اللات والعزى، ولا أتعرض أبا جهل وأمثاله، ما علي منهم لم يصح إسلامه..

والله أعلم

مستفاد من بعض البحوث.


 
لتعديل على القالب اضغط على الصورة وقم بتواصل معانا واى استفسار ضع تعليق فى تدوينة اتصل بنا