آخر الأخبار
| ]

بسم الله الرحمن الرحيم

من سلسلة الرد على شبه العاذرين للمشركين[4]

احتج العاذرون المعارضون بحديث أبي واقد الليثي قال: "خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حنين ونحن حدثاء عهد بكفر وللمشركين سدرة يعكفون عندها وينوطون بها أسلحتهم يقال لها ذات أنواط فمررنا بسدرة  فقلنا: يا رسول الله، اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : [ اللهُ أكبرُ، إنها السننُ قلتم ْوالذي نفسي بيدهِ كما قالتْ بنو إسرائيل لموسى: {اجْعَلْ لَنَا إِلَهاً كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ}
لتركبنَ سننَ مَنْ كانَ قبلكم ]
 
رواه الترمذي وصححه

ففهموا من الحديث أن هؤلاء الصحابةرضي الله عنهم- قد طلبوا من النبيصلى الله عليه وسلم- أن يكفروا الكفر الأكبر المخرج من الملة ! ولكنهم لم يكفروا لأنهم كانوا جهالاً !
فقالوا لا بد قبل الحكم على المعين بالشرك أو الكفر من بلوغ الحجة:
وإن كان يستغيث بغير الله
ويذبح لغيره
وينذر لغيره
وإن كان يشرك بالله في الربوبية.

 
فهو معذرور لا يُحكم بكفره حتى يأتيه الرسول ويُبلِّغه
 
الجواب عن هذه الشبهة من وجوه
الوجه الأول: لا بد من التفريق بين طلب البركة من غير الله فهذا شرك أكبر
وبين طلب البركة من الله فيما لم يشرعه الله وهو وسيلة للمحذور الأكبر
فهذا بدعة وضلالة وهو من الشرك الأصغر.

الوجه الثاني: أن الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله قال في كتاب التوحيد بعد ذكر حديث أبي واقد : أن الشرك فيه أكبر وأصغر، لأنهم لم يرتدوا بهذا . ا.هــ

الوجه الثالث: قال ابن تيمية : لما كان للمشركين شجرة يعلقون عليها أسلحتهم ويسمونها ذات أنواط فقال بعض الناس يا رسول الله اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط فقال الله أكبر قلتم كما قال قوم موسى لموسى اجعل لنا إلها كما آلهة إنها السنن لتركبن سنن من كان قبلكم فأنكر النبي صلى الله عليه و سلم مجرد مشابهتهم الكفار في اتخاذ شجرة يعكفون عليها معلقين عليها سلاحهم فكيف بما هو أطم من .. الشرك بعينه فمن قصد بقعة يرجو الخير بقصدها ولم تستحب الشريعة ذلك فهو من المنكرات وبعضه أشد من بعض سواء كانت البقعة شجرة أو غيرها أو قناة جارية أو جبلا أومغارة وسواء قصدها ليصلي عندها أوليدعو عندها أو ليقرأ عندها أو ليذكر الله سبحانه عندها أو لينسك عندها بحيث يخص تلك البقعة بنوع من العبادة التي لم يشرع تخصيص تلك البقعة به لا عينا ولا نوعا ا.ه

الوجه الرابع: أن قراءة النبيصلى الله عليه وسلم - للآية لا تستلزم مطابقة المشبه به من كل وجه " فإن اتخاذ ذات أنواط يشبه اتخاذ الآلهة من دون الله، لا أنه هو بنفسه، فلذلك لا يلزم الاعتبار بالمنصوص عليه ما لم ينص عليه مثله من كل وجه "

-
ومثاله استدلال الصحابةرضي الله عنهم- بالآيات التي في الشرك الأكبر على الأصغر
١- ابن عباسرضي الله عنهما- فيقوله تعالى{ فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَاداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُون} هوَ الشركُ، أخفى مِنْ دبيبِ النملِ عَلَى صفاةٍ سوداءٍ في ظلمةِ الليلِ". وهوَ أنْ تقولَ: واللهِ وحياتكِ يا فلان، وحياتي،وتقول: لولا كليبةُ هذا لأتانا اللصوصُ. ولولا البطُ في الدارِ لأتانا اللصوصُ. وقولُ الرجلِ لصاحبهِ : ما شاءَ اللهُ وشئتَ. وقولُ الرجلِ: لولا اللهُ وفلان.
لا تجعلْ فيها فلانا هذا كلهُ بهِ شركٌ رواه ابن أبي حاتم.

٢- أخرج ابن أبي حاتم عن حذيفةرضي الله عنه- : أنه رأى رجلا في يده خيط من الحمى، فقطعه وتلا قوله : {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلاَّ وَهُمْ مُشْرِكُون}

فلهذا قال الشيخ محمد رحمه الله بعد ذكر حديث أبي واقد : أن الشرك فيه أكبر وأصغر لأنهم لم يرتدوا بهذا.
ويوجد للشيخ محمد كلاماً آخراً في كشف الشبهات وهو مردود.

الخلاصة:
١-أن طلب البركة من الله من شيء لم يشرعه الله هذا شرك أصغر وليس بأكبر وهذا هو الذي طُلب في الحديث.
٢-أن قراءة النبي صلى الله عليه وسلم للآية لاتدل على المطابقة من كل الجهات فإن اتخاذ ذات أنواط يشبه اتخاذ الآلهة من دون الله ولكن ليس هو نفسه ثم إنه قد وُجد من الصحابة من يستدل بالآيات التي في الشرك الأكبر على الشرك الأصغر.
٣- أن الذين يستدلون بهذا الحديث على العذر بالجهل ما أوقعهم في هذا الاستدلال الفاسد إلّا لجهلهم بمقام الصحابةرضي الله عنهم-وإساءة الظن المردودة لأنهم فهموا من الحديث أن هؤلاء الصحابةرضي الله عنهم- قد طلبوا من النبيصلى الله عليه وسلم- أن يكفروا الكفر الأكبر المخرج من الملة !
ملاحظة:
وجدت بعض الناس يردون على من يحتج بهذا الحديث على أنهم لم يفعلوه فلو فعلوه لكان هذا كفراً أكبراً !
وهذا خطأ فإن من اعتقد الكفر وإن لم يفعله يكون كافراً !
فالإيمان قول وعمل واعتقاد
فمن قال قولاً أو فعل فعلاً أو اعتقد شيئاً كفرياً يوجب كفره يكون كافراً ولا يُشترط أن يجتمع القلب والعمل والقول !
فبمجرد الاعتقاد يكفر
أو بمجرد القول
أو بمجرد العمل
وهذا بحمد الله إجماع بين أهل السنة.
فلا حجة للعاذرين البتة بهذا الحديث.

والله أعلم
 
( مستفاد من بعض البحوث (.

وصلى الله على نبينا محمد.

 
لتعديل على القالب اضغط على الصورة وقم بتواصل معانا واى استفسار ضع تعليق فى تدوينة اتصل بنا