بسم الله الرحمن الرحيم
قال العاذرون بأن العجلة
في هذه الأمور مذمومة ️
وتكفير المسلمين هكذا من صنيع
الخوارج ومن شابههم️
وينبغي التأني والصبر على هؤلاء
ودعوتهم بالتي هي أحسن
فإن هؤلاء القبورية "مرضى،
يجبُ أنْ يُعالجوا بكلِ شفقةٍ، وبكلِ رحمةٍ
وليسَ برفعِ السيفِ سلطاً على
رقابهمْ بحجةِ أنّهم مُشركونَ مرتدونَ عن دينهمْ
وهم يشهدونَ لا إله الا الله
وأنّ محمداً رسول الله "
فيقال جواباً عن هذا
الهراء
1- قد قال نبي الله موسى
–عليه السلام- {وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى}
2- وقال الله {وَسَارِعُوا
إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ
أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ}
3- وقال تعالى : {فَفِرُّوا
إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ}
4- وقد أخرج ابن أبي شيبة في
المصنف بسند صحيح إلى مالك بن الحارث ، قال : قال عمر:
[ التؤدةُ في كلِ شيءٍ خيرٌ إلا
ما كانَ مِنْ أمرِ الآخرةِ ] .
5- وصح عن أبي إسحاق ، عن
رجل منأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه قال :
[ لا تؤخرْ عملَ اليومِ لغدٍ
فإنّكَ لا تدري مافي غدٍ ] .
6- وذُكر عمر بن الخطاب أنه
كتب إلى أبي موسى –رضي الله عنهما- :
[ أمّا بعدُ فإنّ القوةَ في
العملِ أنْ لا تؤخروا عملَ اليومِ لغدٍ فإنكمْ إذا فعلتمْ ذلكَ تداركتْ عليكمْ
الأعمالُ فلمْ تدروا أيها تأخذونَ فأضعتمْ ]
7- و ثبت عن عروة ، أن موسى
عليه السلام ،قال : يا رب أخبرني بأكرم خلقك عليك ؟
قال : [ الذي يسرعُ إلى هواي
إسراعَ النسرِإلى هواهُ ، والذي يَكْلَفُ بعبادي الصالحين كما يَكْلَفُ الصبي
بالنّاس ، والذي يغضبُ إذا انتهكتْ محارمي غضبَ النمرِ لنفسهِ ،فإنّ النمرَ إذا
غضبَ لمْ يبالِ أَكَثُرَ النّاسُ أمْقلوا ] .
8- وصح عن ثمامة بن بجاد
، أنّه قال : [ أنذرتكمْ (سوفَ) أقومُ (سوفَ) أصلي (سوفَ)أصوم ] .
فالعجلة
إلى الطاعةِ أمر محمود مأمور به لا يعيبه إلا مارق ولا ريب أن تحقيق التوحيد عملاً
وقولاً و اعتقاداً هو الدين كله وأوجبه وأوله وآخره
و" لا بد من إظهار ما في
القلوب من العداوة والبغضاء والبراءة من الشرك وأهله بالقول والعمل."
والهجرة إلى الحبشة، ومقام أبي
بكر الصديق يتلوا القرآن، ويظهر دينه كل هذا يؤيد كلام الشيخ وينصره في وجوب
التصريح بالعداوة، وأنه لا رخصة مع الاستطاعة، ولولا ذلك لم يحتاجوا إلى الهجرة،
ولو تركوها في بلد النجاشي لم يحتاجوا إلى نصرته
وأن يقول: أنتم سيوم بأرضي،
ولكان كل مسلم يخفي إيمانه ولا يبادر المشركين بشيء من العداوة، فلا يحتاج حينئذ
إلى هجرة، بل تمشي الحال على أي حال كما هي طريقة من لا يعرف ما أوجب الله من
عداوة المشركين، وإظهار دين المرسلين
ولولا التصريح بالعداوة من
المهاجرين الأولين، ومعاداة قومهم بإظهار الإسلام، وعيب ما هم عليهم من الشرك
وتكذيب الرسول، وجحد ما جاء به من البينات والهدى، لما حصل من قومهم من الأذية
والابتلاء والامتحان ما يوجب الهجرة، واختيار بلد النجاشي، وأمثالها من البلاد
التي تؤمن فيها الفتنة والأذية فالسبب المقتضي لهذا كله ما أوجبه الله من إظهار
الإسلام ومباداة أهل الشرك بالعداوة والبراءة، بل هذا مقتضى كلمة الإخلاص، فإن نفي
الآلهة عما سوى الله صريح في البراءة منه، والكفر بالطاغوت، وعيب عبادتهم،
وعداوتهم ومقتهم، ولو سكت المسلم ولم ينكر كما يظنه هذا الرجل لألقت الحرب عصاها،
ولم تدر بينهم رحاها
كما هو الواقع ممن يدعي الإسلام
وهو مصاحب معاشر عباد الصالحين والأوثان والأصنام، فسحقاً للقوم الظالمين .
"
فنعوذ بالله منه ومن شر المحامين
عن القبورية والجهمية الأشعرية.
ففي المسند والسنن عن أبي عبيدة
عن ابن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
[ إِنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ
كَانُوا إِذَا عَمِلَ الْعَامِلُ مِنْهُمْ بِالْخَطِيئَةِ نَهَاهُ النَّاهِي
تعذيرًا حَتَّى إِذَا كَانَ الْغَدُ جَالَسَهُ وَوَاكَلَهُ وَشَارَبَهُ كَأَنَّهُ
لَمْ يَرَهُ عَلَى خَطِيئَةٍ بِالْأَمْسِ فَلَمَّا رَأَى اللهُ ذَلِكَ مِنْهُمْ
ضَرَبَ قُلُوبَ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ ثُمَّ لَعَنَهُمْ عَلَى لِسَانِ
نَبِيِّهِمْ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ
لَتَأْمُرُنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلَتَنْهَوُنَّ عَنِ الْمُنْكَرِ وَلَتَأْخُذُنَّ
عَلَى يَدَيِ الظَّالِمِ وَلَتَأْطُرُنَّهُ عَلَى الْحَقِّ أَطْرًا أَوْ
لَيَضْرِبَنَّ اللهُ قُلُوبَ بَعْضِكُمْ عَلَى بَعْضٍ ثُمَّ لَيَلْعَنَنَّكُمْ
كَمَا لَعَنَهُمْ ].
فالتسلك مع الناس، وإرضاؤهم بسخط
الله، والتلطف لهم، وترك أذاهم عند مخالفة أمر الله ورسوله، ودعوى أن هذا من الصبر
على الدعوة إلى الله، هذا الذي يحوم حوله هؤلاء الجهال
وهو
عين مخالفة أمر الله ورسوله، مع أن هذا لو سلم لهم كان فرضه في أهل المعاصي
والذنوب من أهل الإسلام مع مجاهدتهم وهجرهم، فأما الجهمية، والإباضية، وعباد
القبور، فالرفق بهم، والشفقة عليهم، والإحسان، والتلطف، والصبر، والرحمة، والتبشير
لهم، مما ينافي الإيمان، ويوقع في سخط الرحمن، لأن الحجة بلغتهم منذ أزمان، وقال
الله {لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ
مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} الآية
[ ممّا أظهرتَ مِنَ السنّةِ،
وعيبكَ لأهلِ البدعِ، وكثرةِ ذكركَ لهمْ، وطعنكَ عليهمْ، فقمعهمْ اللهُ بكَ، وشدّ
بكَ ظهرَ أهلِ السنّةِ، وقواكَ عليهمْ بإظهارِ عيبهمْ، والطعنِ عليهمْ، فأذلهمُ
اللهُ بكَ، وصاروا ببدعتهمْ مستترينَ ] .
وهذا الجاهل المعترض، وأصحابه
الذين وازروه، وقاموا معه فإنهم ينكرون على من أظهر عداوة الجهمية، والإباضية،
وعباد القبور، ويشنعون عليهم ويصنفون في الرد عليهم، والذب عن هؤلاء الكفرة ويسمونهم
المسلمون، ويعيبون على أهل الإسلام بأنهم جعلوا همتهم وسعيهم في تكفير من أنكر
علوا الله على خلقه، وعطل أسماءه وصفاته، وأنهم بهذا نفروا المسلمين عن الصراط
المستقيم. والصراط المستقيم عند هؤلاء هو : التلطف بهم ... ️
1- الأمر بالعبادة لله
وحده لا شريك له والتحريض على ذلك والموالاة فيه وتكفير من تركه.
2- الإنذار عن الشرك في
عبادة الله تعالى والتغليظ في ذلك والمعاداة فيه وتكفير من فعله.
فلا بد من تكفير من فعل الشرك،
والإنذار عنه والتغليظ في ذلك، والمعاداة فيه، وكذلك موالاة من أمر بعبادة الله
وحده لا شريك له، والتحريض على ذلك، وتكفير من ترك عبادة الله. "
وقد قال أيضاً رحمه الله تعالى
في المواضع التي نقلها من السيرة، وتكلم عليها قال:
الموضع الثاني أنه صلى الله عليه
وسلم لما قام ينذرهم عن الشرك، ويأمرهم بضده وهو التوحيد، لم يكرهوا ذلك،
واستحسنوه، وحدثوا أنفسهم بالدخول فيه، إلى أن صرح بِسَبِّ دينهم، وتجهيل علمائهم،
وتسفيه آرائهم، فحينئذ شمروا له، ولأصحابه عن ساق العداوة، وقالوا: سفه أحلامنا،
وعاب ديننا، وشتم آلهتنا، ومعلوم أنه صلى الله عليه وسلم لم يشتم عيسى، وأمه ولا
الملائكة، والصالحين، لكن لما ذكر أنهم لا يُدْعَوْنَ، وأنهم لا ينفعون، ولا يضرون
جعلوا ذلك شتماً.
فإذا عرفت هذا عرفت أن الإنسان
لا يستقيم له إسلام ولو وحّد الله، وترك الشرك إلا بعداوة المشركين، والتصريح لهم
بالعداوة، والبغضاء
كما قال تعالى: {لا تَجِدُ
قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ
وَرَسُولَهُ} الآية
فإذا فهمت هذا فهماً جيداً عرفت
أن كثيراً من الذين يدعون الدين لا عَرَفَهَا ولا فَهِمَهَا، وإلا فما الذي حمل
المسلمين على الصبر على ذلك العذاب، والأسر، والضرب، والهجرة إلى الحبشة، مع أنه
صلى الله عليه وسلم أرحم الناس، ولو وجد لهم رخصةً لأرخص لهم، كيف وقد أُنْزِلَ
عليه: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي
اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ}
فإذا كانت هذه الآية فيمن وافقهم
بلسانه إذا أوذي فكيف بغير ذلك . ا.هــ
وأما الذي يرمي أهل السنّة
بالتكفير فهو قد ركب في مركب الجهمية في نبز أهل الحق بمثل ذلك
كما قال عبدالرحمن بن حسن في
الأدلة والبراهين ص 4 -بتصرف- :
صار من هؤلاء المشركين من يُكفر
أهل التوحيد ، بمحض الإخلاص والتجريد، وإنكارهم على أهل الشرك والتنديد....
الخلاصة:
-أن تكفير المشركين ومعاداتهم
وبغضهم هو من أعظم بل أعظم القربات إلى الله وهذه هي ملة الخليل إبراهيم إمام
الموحدين عليه السلام.
-أن الذين يقولون " يجب
التلطف مع مثل هؤلاء" فهذا قد سار مسار الجهمية-أخزاه الله في الدنيا
والآخرة-.
والله أعلم