آخر الأخبار
| ]

بسم الله الرحمن الرحيم

من سلسلة الرد على شبه العاذرين للمشركين [1]

احتجوا بقول الله تعالى { وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا }

فقالوا لا بد قبل الحكم على المعين بالشرك أو الكفر من بلوغ الحجة:
وإن كان يستغيث بغير الله
ويذبح لغيره 
وينذر لغيره 
وإن كان يشرك بالله في الربوبية.

 فهو معذرور لا يُحكم بكفره حتى يأتيه الرسول ويُبلِّغه
 الجواب عن هذه الشبهة من وجوه
الوجه الأول: أنه قد جاء تفسير هذه الآية عن السلف الكرام وغيرهم.

١- فقد أخرج الطبري في تفسيره بسند قوي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
[ إذا كانَ يومُ القيامةِ، جمعَ اللهُ تبارك وتعالى نسمَ الذينَ ماتوا في الفترةِ والمعتوه والأصمّ والأبكم، والشيوخ الذينَ جاءَ الإسلامُ وقدْ خرفوا، ثمّ أرسلَ رسولاً أنِ ادخلوا النّار فيقولونَ : كيفَ ولمْ يأتنا رسولٌ، وأيمُ اللهِ لودخلوها لكانت عليهمْ برداً وسلاماً، ثمّ يرسلُ إليهمْ، فيطيعهُ مَنْ كانَ يريدُ أنْ يطيعهُ قبلُ ]
قال أبو هريرة –رضي الله عنه- : 
اقرؤا إن شئتم { وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولا} .
 فتبيّن من قول أبي هريرة أن المراد بالآية هو العذاب الآخروي لا الحكم الدنيوي.

٢- وأخرج أيضاً بسند جيد عن قتادة قوله { وَمَا كُنَّامُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولا}

قال قتادة:  [إنّ اللهَ تباركَ وتَعَالى ليسَ يعذبُ أحداً حتى يسبقَ إليهِ مِنَ اللهِ خبراً، أو يأتيهِ مِنَ اللهِ بيِّنة، وليسَ معذّباً أحداً إلا بذنبهِ].

فالمنفي في الآية العذاب لا الحكم
وكلامنا في الحكم 
ولا تلازم بين الحكم الدنيوي والحكم الأخروي 
فإن المسلم الذي استوجب حداً كان هذا هو عقابه في الدنيا ولا يلزم من هذا الحكم الحكمَ عليه بالآخرة  
١- وقد سمى الله تعالى الحدود عذاباً فقال سبحانه {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}
٢-وقال تعالى { وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَأَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ} 
وهذا هو الحكم الدنيوي

وأما الحكم الأخروي
١- فـقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم 
 [ مَنْ أَصَابَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَعُوقِبَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ ] 

٢- وذُكر عن علي –رضي الله عنه- : [ إِنَّهُ مَنْ أَتَى شَيْئًا مِنْ حَدٍّ فَأُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ , فَهُوَ كَفَّارَتُهُ ]

٣- وقال [ أَمَّا عَنْ ذَنْبِهِ هَذَا فَلَا يُسْأَلُ ]
فكان حده في الدنيا كفارة عنه في الآخرة

- ثم إن الذمي الذي يعطي الجزية يجب على الإمام حفظ أهل الذمة ومنع من يقصدهم بأذى، من المسلمين والكفار،واستنقاذ من أسر منهم، بعد استنقاذ أسارى المسلمين واسترجاع ما أخذ منهم "
فهذا حكمه الدنيوي
وأما حكمه في الآخرة

- قال الله تعالى { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ خَالِدِينَ فِيهَا لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ }

-وقال تعالى { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا ضَلَالًا بَعِيدًا إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا}
فلا تلازم بين العقوبة الدنيوية والعقوبة الأخروية 

الوجه الثاني: قد نص غير واحد من المفسرين على أن المنفي في الآية العذاب لا الحكم :
١- فقد قال الطبري: يقول تعالى ذكره: وما كنامهلكي قوم إلا بعد الإعذار إليهم بالرسل،وإقامة الحجة عليهم بالآيات التي تقطع عذرهم. ا. هـ المراد 
٢- قال ابن أبي زمنين: تَفْسِيرُ الْحَسَنِ : لَايُعَذِّبُ قَوْمًا بِالِاسْتِئْصَالِ حَتَّى يَحْتَجَّ عَلَيْهِمْ بِالرُّسُلِ اهـ
٣- وقال ابن تيمية في الفتاوى: لأن العقوبات لاتجوز إلا بعد إقامة الحجة كما قال تعالى: 
{ وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً } ا. ه 
٤- قال ابن كثير: قوله تعالى: {وَمَا كُنَّامُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً} إخبار عن عدله تعالى، وأنه لا يعذب أحدًا إلا بعد قيام الحجة عليه بإرسال الرسول إليه .. ا.ه المراد

الخلاصة:
أن الآية تتكلم عن العذاب لا عن الحكم
فلن يُعذب الله الكافر ولا المشرك ولا غيرهم حتى يأتيهم الرسول ولكن اسم الكفر أو الشرك باق قبل وبعد مجيء الرسول إن لم يتوبوا من شركهم أو كفرهم وقد صح في الحديث أن الجنة لا يدخلها إلّا نفس مؤمنة فلا يدخل الكافر ولا المشرك الجنة إلّا عند دين المرجئة .
 فلا حجة للعاذرين البتة بهذه الآية
والله أعلم

( مستفاد من بعض البحوث )

وصلى الله على نبينا محمد


 
لتعديل على القالب اضغط على الصورة وقم بتواصل معانا واى استفسار ضع تعليق فى تدوينة اتصل بنا